السبت، 29 أكتوبر 2016

الدكتورة أشعار الباشا: وضع الله لي طريقا لم ينته بعد


* أهلا بكم في مقتطفات السبت رقم 614

***
*حافز السبت:

العبقرية الفذة لها تأثيرات متعددة.. منها أنها قد توقض حساسية الغيرة المفرطة  عند البعض. 

***

* الرأي:

ما رأيت أكثر تأثيرا من بأس وقوة العزم البشري. العبقرية  أو الذكاء لوحدهما أعزلان لا يغيران شيئا بالعالم بل سيبقيان قوة ساكنة لا تحرك ولا تتحرك. ووقود العبقرية وإذكاء شعلتها الباهرة هو العزم؛ تلك الإرادة الفولاذية التي لا تعرف الاستسلام ولا النكوص ولا التراجع، التي تؤمن أن الحياة طريق واحد لا بديل له وهو طريق الصعود. وبدون هذا الطريق فهو الضياع، التيه، السقوط.. موت الأحياء. بداخل كل ناجح عبقري قبس عجيب من ضوء العذاب والمعاناة وسميته قبسا لإنه كزيت الفتيل الذي يطلق النار من الهواء. الأذكياء والعباقرة الفقيري العزم والإرادة، قد يؤذيهم هذا الذكاء.. ويؤذي العالم.

****

 شخصية الاسبوع:

وهي ملهمة هذه المقال كله. شخصية فريدة بل جوهرة بشرية نادرة هي الدكتورة "أشعار الباشا" ملحمة إغريقية بذاتها، وكأن كل عذابات العالم اتحدت لتغزو جسد هذه البنت الصغير بويلاتها وثبورها. لكن الهيكل الذي يبدو هشا انتفض حصنا عملاقا ضد كل الغزوات. أصيبت اشعار بالفشل الكلوي وكانت تحت الغسيل الكلوي وهي تتفوق في الثانوية على مستوى المملكة، وصاحب الفشل الكلوي ورم بمرض الرحمة زاد الحالة أضعافا حينما كانت تدرس بلندن وتعمل بذات الوقت بأرقى مستشفىاتها "همر سميث" ثم تتخرج بتفوق بالطب. ومن عليها بورم لمرض الرحمة آخر بالدماغ، وبتجمع الأمراض وتفاقم الأورام تتفوق بدراساتها العليا بكندا. يطل الموت كل يوم على أشعار، وتصافحه كل يوم وتقول له:"انتظر.. فإن الله وضع لي طريقا لم ينتهِ بعد!"

***
*الواقع- الخطاب:

أتباهى بحياتي برسالتين، الرسالة لأولى من ناجي الشاب الصغير الحبيب المعاق العبقري الذي كتب لي وهو يعلم أنه لن يعيش حتى صباح ليلته، ووصلتني رسالته وقد استلم الله أمانته. والثانية الرسالة التي وصلتني من أشعار عبر التوتر باسلوبها العجيب الغريب فصاحة وتراكيب وصفية لا تبدعها إلا هي الكاتبة المتفوقة والتي تأتي لها المعاني طوعا لتتزين بأزياء حروفها. وإني أتباهي بالرسالة أكثر من أي شهادة وجائزة سنية أخرى. ومن سيلومني بالتباهي.. فلن ألومه. وهنا شيء من الخطاب:" اشكرك يا عراب الريادة في الصدق والصداقة والعمل والتبني. إنك احد خمسة قامات فقط، عرفوني في مهبط حق وحقيقة، بعيدا عن (الوجه الآخر) للآخرين هنا-وتقصد من يشتعل حسدا ضدها ويكذّب حالتها- وجهنا هو الوحيد لأمثالنا المطاردين من رواد البرَك الساكنة الذين لا يعرفون جنة الطريق إلى ماء النبع وبطن الوادي. كان التعرف عليك شخصيا إضافة ثمينة لحياتي كمن تشتري سوار ذهب لا يبارح معصمها لأن مكانه النور.. ولا غير النور. وهكذا أنت بعد شرف المعرفة خلف الشاشة، وبعيدا عن التقنية، قريبا من الأرض والطبيعة كقرب البلح من النخيل، أبيتّ إلا أن تقول لزارعي البراعم الخائفين من عقبات العلم وضوائق السبيل:"هاكم، هذه أشعاار كما عرفتها في أرضها ومكانها، لا كما قرأتها بيومياتها على الانترنت." اقول ما أقول لأؤكد امتناني لصبرك على ما نالك وينالك بعد أن عرفتني ورأيت عوائق عمري وطرقاتي ما يستحق أن يكون شمعة لمن أنهكتهم دكنة الظلام. أمتن لك ترفعك معي وحثك لي على تغيير اتجاه ظلي والمشي عكس عقارب الساعة...."

***

*والمهم:

"طوبى لمن يصافح يمينا لم تزرع شوكة فيما عاشت من سنين."- أشعار الباشا.

نجيب عبدالرحمن الزامل