الثلاثاء، 26 سبتمبر 2017

حسن السبع.. المصباحُ الخفي.


               حسن السبع.. المصباحُ الخفي.



حسن السبع يرحمه الله كان معنا.. ولم يكن معنا. أصر أن يعيش بجزيرة مزهرة منعزلًا ومعطاءً.



حسن السبع واحد من أفضل ما قدمته منطقتنا الشرقية بالذات من المثقفين المطبوعين، ويكاد يكون الوحيد في المشهد الثقافي الذي هو مثقف رغمًا عنه، أو مثقف بطبيعته، وهؤلاء النوع من الناس ينيرون الفكر بلا خوض في ميادين الجدال والحوار، ولا من الذين يتسابقون للمنتديات ومسارح الظهور والشهرة. إنهم كالمصباح الذي ينير رغمًا عنه، لأن لا عمل له غير الإنارة.



 ينسى معظم الناس أهم الأشياء في حياتهم لأنها تجري بطبيعة نفعها لا بإلحاح ظهورها.

ننسى الهواء الذي نتنشقه، وننسى مصدر الضوء لأنه لا يشير لذاته، ضرورة وجوده بنفعه كمصدر من مصادر الحياة بدون أن يكلف من يخدمهم أي نوع من الإلحاح أو التذكير بالحضور.. 

فيغفل عنه الناس إلى ما هو أقل، لأن الأقلَّ يتصف بالإلحاح وشدة إثبات الحضور.

"وودي آلن" قائد السينما الساخرة النيويوركية قال شيئًا عبقريًا ومهما وحقيقيا شديد الواقعية وهو:" أن القدرة على الحضور هي تسعة وتسعين بالمئة من النجاح". لذا ترى يصل للمناصب والشهرة وحصد الجوائز أصحابُ الطلّة والظهور بكل مكان ومناسبة.


 ولا يحصد الهواءُ الخفي الأهم الجوائز والمناصب، ولا تُكافأ المصابيحُ لانها ترسل نورها غامرا بلا طلبٍ ولا مكسب أو مطمع.



هكذا كان حسن السبع العبقري الساخر الموسوعي، يصر على كتابة مقالات الفكر الجميل والمعلومة السائغة، يصر أن ينير مهما عصفت بالمصباح عواصف الظلام والإظلام. كان عنيدا جميلًا لكن بنعومة وانسيابٍ وسهولة في فرش طريق الورود في مفازات العراك والضرب والتراشق. 


عاش بجزيرته المزهرة معتزلا، متنسكا فكريا، إنساناً أصر على إنسانيته حتى آخر قطرة. 

لست آسفا أن صديقنا وأستاذنا حسن انتقل للرحمة الإلهية بلا ضجة إعلامية.. فهو لم يكن يحب الضجيج. فحصل له أكثر ما أحبه؛ السكينة وجمالُ الانصراف.


حسن السبع كالنجوم تموت بصمت جليل في عمق أبعاد الكون.. ويبقى ألقًُ نورها.

نجيب الزامل


الخميس، 21 سبتمبر 2017

"بيبانٌ" مفتوحة.. فتقدموا!

          


            "بيبانٌ" مفتوحة.. فتقدموا!

بيبانٌ مشروع يتبع للهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تشجع على دعم وتشجيع وتأسيس الاعمال الريادية. 

عندي ثلاث فرحاتٍ.. وملاحظة.



الفرحة الأولى، أحد كبار عقولنا النيرة الدكتور محمد الأنصاري من مهندسي ضبط إيقاع العمل الفكري للهيئة وإن كان مستشارا بها، إلا أن ثقة المحافظ الأستاذ غسان السليمان به يبدو أنها تتعدى المسمى الحرفي لتوصيف المستشار، فوق أن الدكتور الأنصاري إن أردت أن تتخلص منه خنقًا، فأحِلْ عليه النظريات، فهو واقعيٌ عمليٌ ميدانيٌ براغماتيٌ للعظم. وأفخر به كسعودي وكأحد أبناء منطقتنا الشرقية.. وكصديق.



الفرحة الثانية، هي أني كنت واحدا من ثلاثة محكّمين في "بيبان" لاختيار من يقع عليه المركز الأول من المنشآت غير الربحية، وكانت الرؤية لم تتضح بشكل واضح، حتى تعرضنا لصندوق الأمير سلطان المختص بدعم طموح سيدات الأعمال المبتدئات - وهو صندوق بمنطقتنا الشرقية- ولما استعرضنا نشاطات الصندوق حسب القياسات الموضوعة أمامنا كمحكمين كان من رأي المحكمين الثلاثة أن هذا الصندوق جدير بكفاءةٍ واثباتٍ عملي على الأرض أنه يستحق أن يتبوأ المركز الأول.. وهذا ما كان. 



كنت بالأمس متحدثًا في الرياض ضمن الجدول لأيام فعاليات "بيبان" وتشرف على إدارته وتنسيقه الأستاذة مها النحيط - من الرياض عاد هذي المرة- وهي فتاة مبهرة بتطوراتها العملية والابتكارية وقد تتبعت رحلة نجاحها من خطواتها الأولى إلى لمعانها الحالي، وبالتأكيد هذه فرحة ثالثة.



والملاحظة:

قد كنت قبل ذلك محكما في جائزة الملك خالد لشركاء التنمية كوني عضوا فيها، ومحكما أيضا في مجلة نسائية شهيرة لاختيار المرأة الأولى بكل مجال.. وقد عصرني قلبي غياب متفوقي المنطقة الشرقية، وهذا ربما راجع لطبيعة أهالي المنطقة الخجول التي لا تقدم نفسها باقتحام. 


وأظن حان الوقت أن تثبتوا يا الربع.. وأن تقتحموا.

وفق الله الجميع.

نجيب عبدالرحمن الزامل