نجيبيات رمضانية-١١
نجيبيات رمضانية-١١
الكتاب حياة:
أتذكر منظر جدي عبدالله العثمان الزامل وهو يقرأ بكتبه.
كان يجلس على كرسي فوقه مخدة عتيقة لو نطقت لروت تأريخا، ويلصق رجليه خلف قائمتي الكرسي، ويفتح الكتاب بعناية وكأنه يفتح بوابة يدخل بها عالما غير عالمه، عالم سيأخذه بالكامل ويندمج به بكل كيانه وإدراكه ووجوده.
كان جدي يصلح للوحةٍ تصور معنى أن تقرأ كتابًا.
فهو يمسك الكتاب برفق الأم على وليدها الطري ويضع "مرطبة أصابع" ليفتح كل صفحة بلطف وكأنه يفك رقيقة ألماس.
ويتتبع الكلمات بأصبعه على السطور وكأن الكلمات ستفلت وتتوارى. بعد فترة يرفع رأسه وينظر متأملا بعينيه، وكأنه يستلهم ما قرأه، أو يدرك فكرة شاردة.
ذلك المنظر المهيب أمامي كطفل ذي مخيلة جعلني لا أنفصل عن الكتب منذ كنت بالرابعة ابتدائي.
ورثت "مرطبة أصابع" جدي وقد جفت وعتقت، وتحنُّ لأصابع صاحبها رحمه الله.
وكجدي افتح الآن أي كتاب بطقس احترامي، فتنساح أمامي عوالم السحر والفائدة والمتعة.
طاب صيامكم..
نجيب الزامل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق