صّوْن.. والصديقتان
.. بدأت من اسبوع زيارة من يدعونني من أصحاب الأعمال الاجتماعية المتميزة التي تصب في خدمة الناس، وتساهم في رفع أداء المجتع.. ويأتي هذا الاهتمام لأني أومن أن الظروف الصعبة تولد أفكارا خلاقة تجعل من الشدائد أكبر محفزٍ للعقل لكي يمارس وظيفته الأساس: الذكاء!
ونحن كبقية العالم نمر في انعطافات اقتصادية وظرفية نقلت مجتمعنا لمواجهة مواقف تغيرت عن السابق، فقلت الدخول، وضاقت مسائل المعاش اليومي. كثيرون للأسف يستسلمون لموجة الظروف الصعبة ويجعلونها تجرفهم معها، وقليلون يؤمنون أن الله لم يتركنا عُزَّلًا أمام ظروف وتقلبات وتحديات الحياة، لأن لدينا أقوى سلاح في الكون.. العقل البشري.
حزمت نفسي وعزمت أن ألبي دعوة أي فريق اجتماعي يقوم بعمل ابداعي منتج وواضح ويملك دلائل وقياسات منتجاته على أرض الواقع. أو حتى تلبية دعوة من يوصيني بأحد الفرق.. وهذا ما كان مع الفرقة، أو المجموعة، التي أود بحب وفحر أن أحدثكم عنهم اليوم وهم يطلقون على فريقهم اسم "صَوْن".
ماذا تعني صون؟ كنت أتساءل منذ سمعت عن الاسم الذي رنّ بإيقاعٍ جميل بأذني، وزاد فضولي أن أعرف أكثر عما يخفي هذه العنوان وراءه. زوّدني من أوصاني بزيارتهم برقم هاتف الأستاذة أريج العقل. وتمت المفاهمة معها للزيارة. كان وقتي ذاك اليوم مزحومًا ولم تمانع أريج مع فريقها من انتظاري حتى وقت متأخر عن ساعات عملهم اليومية.
أريج العقل شابة صاحبة خبرة عميقة لسنوات في العمل المصرفي، وبالذات في أدق الأعمال وأكثرها حيوية وأهمية..ومصيرية، وهي إدارة محافظ العملاء الكبار استثماريا، وهذا يتطلب عقلاً شديدَ اليقظة، سريعَ اللياقة، بذكاءٍ برْقي، وبديهة حاضرة سريعة، فحركة المال لا تقف لحظة واحدة محليا وعالميا ليل نهار، سبعة ايام في الأسبوع.. فلا معنى لإجازة ولا راحة مخافة أن تلمع فرصة فتختفي في لحظات عبر هذا البحر الفوار من توظيف الأموال ونقلها وتوزيعها قطفا لرحيق الأرباح.
قررت أريج العقل أن تخرج من العمل المصرفي لأسباب تخصها، إلا أن أهم سبب هو ما كان دوما أملا يراود أحلامها بأن توظف قدراتها الاستثنائية- وأنا أعني الاستثنائية حرفيا- لخدمة مجتمعها، خصوصا في هذه الممر الصعب الذي نسير به حاليا في شح الدخول، وضغط مطالب الحياة.
قررت أريج أن تضع خبراتها العريضة أمام الأسر من الطبقة المتوسطة وهم صاروا الآن المستهدفين منها لإصلاح أحوالهم المالية. ولكن المقاصد الطيبة لا تكفي، فهي تحتاج للدعم المالي بالتأكيد؛ ولم يكن ذلك صعبا على أريج، فصديقتها تحمل نفس الآمال والأهداف في نفع الناس فدخلت معها ليتحقق الحلم ويصبح واقعا مشرقا، تلك الصديقة هي الأستاذة خلود الراجحي، وهي قلبٌ طيب، وعقلٌ وهاج، بخبرة عملية. فشكلتا الإثنتان فريقاً أنموذجيًا لتحقيق ما يصبوان إليه.
فريق صون شابات وشباب متطوعين، فقد قابلت مثلا الأخ صالح الشيحة وهو محاضر في جامعة الإمام بالرياض ويقدم خدماته تطوعيا مع مستشارين آخرين. وفعلا نجح فريق صون بمهته مع أُسَرٍ وافرادٍ من الفئة الوسطى، ونقل أحوالهم المالية من القروض والخسارة إلى الاكتفاء والتوفير، بل حتى فتح قنوات استثمارية لهم. والذي حصل جانبيًا وهو الأهم زرع السعادة والوئام في بيوت تلك العائلات..
لن أطيل فإنجازاتهم طويلة.. فتعرفوا أنتم عليهم.
نجيب عبدالرحمن الزامل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق