السبت، 31 ديسمبر 2016

#رسالة_لابنتي ٥٣

#رسالة_لابنتي

الرسالة الثالثة والخمسون 


حبيبتي:

عندما سُئل أحد الناجحين الذين عُرف عنهم تجشمهم لمصاعب وعراقيل كيرى بحياته:"كيف أمكنك الصبر على كل هذه الصعاب؟" رد عليهم يا مليكة القلب برد مهم جدًا، حين قال:"كل واحد منا يملك صبره الخاص به. بعضنا يستخدمه وبعضنا لا يفعل. أما أنا فقد استخدمت صبري"!

الصبر حبيبتي نوع من الشجاعة، بل أحيانا يتطلب قوة أكثر من الشجاعة نفسها، ليست قوة البأس ولا قوة العضلات .. إنما قوة الروح، وقوة النفس.

إننا لحسن حظنا لا نحتاج أن نتدرب بمشقة في التمارين الرياضية المجهدة ، ولا في التدريب المُضني لكي نصبح من الأقوياء في الصبر، كل ما نحتاجه شعلة في الروح، وإيمان في القلب، وعزم بألا نخاف ولا نتردد، والثقة بأن كل تلك الصعاب والعقبات أشياء محتمة وضرورية لنصل لفسوحات أنوار النجاح.

كثير من الأقوياء المدربين خاروا وضعفوا واستسلموا لأنهم لم يستخدموا حصصهم من الصبر كاملة.. بينما النملة تنجح في ذلك كل مرة من بدء الخلق إلى أن يأذن خالق الخالق بنهايته.

أريني قوتك الحقيقية يا حبيبتي.. أريني روحك الشجاعة وهمتك النبيلة والصعاب تنتظرك. استخدمي كامل حصتك من الصبر

ولا تنسي أني أحبك💌

بابا

الجمعة، 30 ديسمبر 2016

في "صدارة" لما كاد الأنصاري يقع من على كرسيه!


* في هذه المدونة أضع أعز مقالاتي على قلبي.. كلها مني، بلا رقيبٍ ولا محاسبٍ.. إلا ربي.

 


في "صدارة" لما كاد الأنصاري يقع من على كرسيه!


"الصدارة ليست في الأعمال التجارية والصناعية بل يجب ان تصاحبها الصدراة الإنسانية أيضا".


لو يصح الكلام أعلاه فستكون الدنيا كما تردد أمي تمطر السماءُ ليلًا، وتشرقُ الشمسُ نهارا. كل أماني محبي العمل التطوعي الذي يغير في النفوس فتغير النفوس العالم المحيط بها، والأوسع بذكاء إنساني وبمبادئ أخلاقية، يتمنون أن تعتنق الشركات التجارية والصناعية والخدمية العملَ التطوعي في أحضان ضميرها وليس بهيكل إدارتها. ولا أقصد موضوع المسؤولية الاجتماعية، فهذه مسؤولية واجبة على الشركات أما بسبب القانون أو الإجراء، والرغبة في أن يتقبل المجتمع الشركة ويقبل ما تنتج. ثم أن المسؤولية الاجتماعية تأتي بقرار فوقي من أعلى هرم التكوين الإداري بالشركة، لذا فهو ليس عملا تطوعيا ولا شبيها له بأي حال، مع أنه طبعا من الأعمال الجميلة والناصعة والمفيدة للمجتمع وللشركة معا.

التطوع لا يعدو عن هذا التعريف بأي حال:

"أن تكون في قلبك رغبة خدمة مجتمعك ونقله لواقع أفضل بأي وسيلة تستطيعها، وأي معرفة تملكها، وتقوم بها سعيدًا راغبًا من إرادتك الذاتية.. وبدون (أي) مقابل."


لذا قلت يتمنى محبو العمل التطوعي ومن يؤمنون بقوة تأثيره، والذين يوقنون أن محركي ومغيري العالم هم المبادرون المتطوعون، أن يروا شركةً بها أفرادٌ هم من أنفسهم يتجمعون لتشكيل فريق عمل تطوعي منظم، ولا تعترض الشركة على ذلك، وأقصى الأحلام أن تفرح الشركة بهذه التجمع التطوعي وتحتضنه بدون أن تتدخل بطبيعة أعماله ولا تملي عليهم إرادتها، فتدعمه وتفخر به كفخرها بما تنتجه وبقوة حجمها في السوق المحلي أو العالمي.. على أن هذا كما أقول لنفسي دوما أنه من أضغاث الأحلام.


من قال أن أضغاث الأحلام لا تتحقق؟

شجع الدكتور محمد الأنصاري العقلُ الإنساني الكبير أن نستجيب، هو وأنا، لتلبية دعوة أخينا السيد فيصل بن سعد القرون، نائب الرئيس للعلاقات العامة بشركة صدارة. وشركة "صدارة" للكيميائيات عبارة عن تحالفٍ فريدٍ بين شركتين رائدتين بعالم الصناعة، وهما أرامكو السعودية وشركة داو كيميكال "داو"، اتحدتا بهدف تغيير قواعد اللعبة بمجال صناعة الكيميائيات، مجمعٌ عملاقُ من تسعةٍ وعشرين مصنعا بآخر ما وصلت له التقنية العلمية في مجال الصناعات الكيميائية، ويعتبر من الأكبر في نوعه في العالم، والأكبر أكيدًا بالشرق الأوسط والعالم العربي.

تصوّروا أمرين:

أ- الشركة رأسمالها 75 بليون ريال، مشروع من أضخم المشاريع العالمية ومسؤولية إدارتها بحجم مسؤولية إدارة دولة صغيرة.

ب-  الشركة حديثة الإنشاء بدأت تمشي الآن لعامها الثالث، وما تراه على الموقع مشهد مهيب من الأدغال الصناعية من الأنابيب والمعامل وشبكات التوصيل والمعالجة والخلط وكأنك دخلت دنيا العجائب المستقبلية.

فكيف يكون عند موظفيهم بهذين الظرفين التفكير والوقت لعمل تطوعي؟ لنرى..


سألت الدكتور الأنصاري عن سبب الدعوة، قال أن السيد القروني يريدنا أن نحنقل معه بإطلاق نادي المتطوعين بالشركة والذي أتم سنتين من عمره ينتظر هذه اللحظة، ويريد المتطوعون والسيد القرون المشاركة معهم المناسبة. عجبنا، د محمد وأنا، ونتسائل:" هل الرجل جاد؟ هل يُعقل أنه يكون بالشركة من الموظفين من يبادر لنادٍ تطوعي بمعنى التطوع كما نراه ونصدق به، في خضم هذه المعمعة الكبرى من البناء والتشييد وتحديات العمل اليومي وتوظيف آلآلاف من العاملين من كل أقطار الأرض؟" وارتحنا بجواب أن الرجل متحمس أكثرمن اللازم وربما تجمع عنده نفرٌ قليل من الشباب في الشركة يخطون في هذا السهل الساحلي-الصحراوي بلا تشكل واضح. فحرصنا ألا نخيب حماستهم، ولن نخيب ثقتهم بنا.. فذهبنا. 

ولما ذهبنا.. صعقنا!

بعد حفاوة الاستقبال بجلسة صغيرة مع السيد القروني والسيد سامي محمد أمين مديرالشؤون العامة في الشركة، أخبرانا أن الشباب المتطوعين من الجنسين بنادي التطوع بالشركة ينتظروننا بقاعة مبنى المعرض؟ "قاعة؟ لماذا؟" "من كثرهم عاد؟" كان تساؤلنا، وفجأة رأيت صديقي الأنصاري يكاد يقع من على مقعده، وأما أنا فكمن ضربه شهابٌ من الفضاء على أم رأسه. "

هل الرجلان يمزحان، وهل هو وقت المزح من أصله؟" ولكن.. وبكل جدية وفخر ردّا علينا:"لدينا خمسمئة متطوع.. حتى الآن." .. وبعد، حتى الآن؟!!


ذهبنا للشباب في القاعة وما رأيناه كان منظرا جعلنا نقف لا نشعر بجاذبية الأرض من تحتنا مدهوشين ونعرك أعيننا:"هل ما نراه حقيقة؟" . 


غصت القاعة الكبيرة بالشباب المتطوعين الذين شكلوا النادي بإرادتهم وبتناديهم من بينهم ولأنهم من المتطوعين المطبوعين الذين تجرى هبة التطوع مع دمائهم. وعرضوا أمامنا باحترافية مهنية عالية أعمالهم التطوعية الكثيرة خلال السنتين.. وكأننا في قاعة محاضرات بجامعة فاخرة.

أمرٌ لا يصدق فعلا، ولكنه الواقع. لذا دوما أكرر، وبغير وعي أحيانا: "ألن يكف الشباب عن إدهاشي؟" 

الظاهر.. لا!


أشكر صدارة ليس فقط لما تقوم به من دورٍ رئيسٍ في رفع قيمة الصناعة الكيميائية في بلدنا وفي العالم، واشكرها أكثر لإيمانها بالحس التطوعي الخالص لموظفيها ودعمها لهم، ولفخر مسؤوليها بهم..


نادي صدارة التطوعي، آهٍ  لو فقط تعلمون حجم السعادة التي وهبتوها لنا.

 



الثلاثاء، 27 ديسمبر 2016

يا سميرة:"افهمي، أنت كفيفة!"

يا سميرة:"افهمي، أنت كفيفة!"

سميرة ليست بطلة مشهورة، لكنها بطلة.

سميرة ليست عبقرية مشهورة لكنها عبقرية

سميرة ليست صاحبة عزم فولاذي شهيرة، ولكنها صاحبة عزم من فولاذ.


سميرة ولدت كفيفة، واتصلت بي الاستاذة شهد من العاملات المتطوعات المجتهدات في البرنامج الجميل الذي انتشر في كل أرجاء البلاد وخارجها " على ناصية حلم" وطلبت مني تحقيق حلم سميرة بأن تتواصل معي.


 ولا أدري لماذا اعتبرت سميرة أن التواصل معي حلما من أصله، فلطالما قلتُ؛" يا جماعة رقم جوالي تجدونه حتى بالبقالات".. على أني صدقت الدور ولعبت دور محقق الأحلام خصوصا وأنا عضو في "على ناصية حلم"- عضو مهمل وخامل!


الذي صار أن سميرة كلمتني فعلا.. وجاء صوتها واثقا متواصلا ومترابطا ومتسلسلا والعجيب قدرتها الذهنية واللغوية على التصوير وكأني أراقب أحداث حياتها على مسرح بإخراج محترف.. لولا أن سميرة بين كل حين وآخر تؤكد وتعيد على صفة كفيفة لاعتقدت انها ليست فقط من المبصرات بل من المبصرات الدقيقات المتعمقات بالتفاصيل.


سميرة كان حلمها منذ الطفولة التخصص باللغة الانجليزية وأن تتقنها وتكتب بها وتدرّسها وأن تستخدمها لمخاطبة العالم كله للتنبيه عن حضارتها، والجميع كانوا يقولون لها:"مستحيل يا سميرة، مستحيل، أنت كفيفة".

 لم تنسى سميرة حلمها وأملها. بالمرحلة الجامعية دخلت في بداية الأمر تخصص اللغة العربية لانه كان من ضمن الاقسام المتاحة للكفيفات. وكانت سميرة تصر كل أسبوع أن تزور المسؤولات وتطالبهن بدخول تخصص الإنجليزية  إلا أن إحداهن قالت لها وهي أمام مكتبها وبالإنجليزية، كتنبيه ساخر لسميرة: "ما تعرفين؟ "you are blind"- أنتِ كفيفة!"

تقول سميرة:" تلك المسؤولة هي التي لم تعرف أن فقد البصر هو الذي قادني لتجاوز الأكواب الفارغة ومواجهة  التحديات واختراق الحواجز، إنها لم تعرف أنني لا أحتاج للبصر انما لعقلٍ يفكر،  ولروحٍ تواقة للبحث والفهم والتعلم ورغبة جامحة لاتمنعها قوة.


في نهاية ذلك الماراثون نجحت سميرة أن تُقبل بشرط  تخضع لاختبار تحويل الى قسم اللغات والترجمة تخصص لغة انجليزية. كان اختبارها بأجواء حسب سردها ذكرتني بأجواء قصة كافكا الشهيرة "اللجنة" أربع ممتحنات اختبرنها  تحريريا فاجتازت بنحاح رغم ان لغتها كانت حصيلة الثانوية!

حققت سميره حلمها، بفضل من الله، ولكن واجهتها الكثير من التحديات لو قلت لكم نصفها لاشتعلت الدهشة بداخل رؤوسكم على أن المساحة خانقة، وبقيت الجملة التي قالتها سارة ترن برأسي وما زالت ترن:

"كلما تكبر التحديات أمامي، ارفع رأسي واقول لها: بما أنك أيتها التحديات في سبيلي حلمي.. فيا أهلًا وسهلًا!" 


الآن تدرس سميرة الكفيفات اللغة الانحليزية في منزلها بالرياض وتنجح بذلك في براعه، وأنا ارفع رجائي لوزارة التعليم: يا إخواني استفيدوا من عبقرية وشخصية وكفاءة وقدرة سميرة بتعليم اللغة الانجليزية.. وظفوها في معاهد النور، أو يا أي وزارة وظفوها مترجمة خاصة، وستبصرون نجاحا مذهلا لفتاة غير مبصرة.


في نهاية المكالمة الذي صار.. أني أنا من تحقق حلمه!


نجيب عبدالرحمن الزامل


السبت، 24 ديسمبر 2016

كيف يُساءٓلُ العلماءُ الشرعيون؟

كيف يُساءٓلُ العلماءُ الشرعيون؟

ورد هذا التسأؤل من م. ع. البيشي؛

"الجيل الجديد المعاصر من المسلمين يواجه في حياته اليومية مواقف وأسئلة لم يعرض كثير منها للأجيال السابقة من المسلمين، فمن ينقذنا من حيرتنا؟"

لا شك أن الأجيال العصرية تواجه كثيرا من الحيرة والقلق وهم يحاولون أن يجدوا المخارج والحلول للمواقف المستجدة، وهم يحاولون بكل جهدهم أن يهتدوا لأجوبةٍ وحلولٍ تحفظ عليهم دينهم، دون أن يقلعهم ذلك من عصرهم وزمانهم.


ولا غرابة في حيرة الشباب اليوم، وأجيال ستأتي بعدهم، كما احتارت أجيالٌ جاءت قبلهم. فالدنيا تتحرك بسرعة فوق قدرة استيعابنا وإدراكاتنا في ميادين حياتية متعددة، فإننا اليوم بعالم غير الذي نمنا عنه بالأمس، وغير الذي سنصحو عليه في الغد. 


أشكال العلاقات ونظم المجتمعات والمعاملات التي لم تكن معلومة في صدر الإسلام، ولا في زمن الأئمة أصحاب المذاهب تقتحم على الجيل الحاضر حياته مع الحدود المفتوحة على كل الشعوب والحضارات والفنون والتقنية ووسائل الاتصال.


وفي غيبة الأجوبة المقنعة ستكون الأجيال بين موقفين لا ثالث لهما:

الأول: أما أن يرفضوا كل هذا الجديد ويعلنوا مقاطعته إيثارا للسلامة وابتعادًا عن الشبهات، فتتحرك الدنيا وهم واقفون، وتتقدم الشعوب وهم جامدون. فتنتقل القدرة من الأيدي المؤمنة إلى إيادٍ أخرى لا تؤمن بما تؤمن به أجيال المسلمين


الثاني: وأما أن يغامروا بدينهم فيقبلوا كل جديد بعلاّته، ويخوضوا بلا تحفظٍ مع الخائضين، فينخلعوا، وهم لا يشعرون، من كثيرٍ مما جاء الاسلام ليعلنه ويثبته ويحافظ عليه.


وكلا الموقفين لا يرضي عنهما الله ولا يرضى بهما المؤمنون، فأحكام الإسلام وشريعته هي أوامر الله التي أوجب إقامتها. وتتطور الحياة وتغيرها وتقلبها باختلاف الزمان هي من سُنن الله، ومن الاستحالة أن يصادم شرعُ الله سُنّةٓ الله.


علي أن شرح المنطق الحقاني في مسألة الاجتهاد حسب فهمي، وهو أن يتصدى العلماء الشرعيون لكل موقف أو ظرف أو نظام مستحدث بأن يقيسوه على مبادئ الإسلام ونصوصه ومقاصده العامة فيُرفض أو يُقبل. وما لم يشهد له شاهد من النصوص ولم يصطدم بأيٍّ منها، يُترك على الإباحة الأصلية التي تشير إليها الآيات:"وقد فصل لكم ما حرم عليكم" وقوله تعالى:"وأحلّ لكم ما وراء ذلك". فإن شاء الناس أخذوا به أو تركوه بما تمليه عليهم مصالحهم.

ولا إثم عليهم ولا حرج.


يقول ابن القيم في "مقدمة الطرق الحكيمة": ( والذي أحدث لهم ذلك- أي العجز عن الاجتهاد- نوع من التعقيد في معرفة الحق ومعرفة الواقع وتنزيل أحدهما عن الآخر)

فإذا كانت معرفة الوقائع عسيرة في عهد ابن القيم المتوفى بنهاية القرن الثامن الهجري فهي بالأكيد أشد عسرًا في زماننا الحاضر.


وهذا ما يجعلنا نطرح قضية الاجتهاد والفتوى بأنها لا يمكن أن تخرج بكل الصحة من الفرد الواحد أو العقليات والمعارف المتشابهة بل صار من الضروري أن يتظافر معها علماء الإحصاء والمجتمع والاتصال والاقتصاد والطب ومختلف العلوم المتصلة بأي نوع من اجتهاد وفتوى.

هذا ما نطلبه ونرجوه من علمائنا الشرعيين الذين نحبهم ونجلهم ونرفع مكانهم حيث أمرنا وأدبنا الإسلام.


والإمام ابن مالك يقول: " أن العلماءٓ يساؤلون يوم القيامة عمّا يُساءٓل عنه الأنبياء".


رسالة_لابنتي (٥٢)

رسالة_لابنتي (٥٢)


كنت أحدثك عن التوازن في الحياة حبيبة قلبي، وأن العالم قائم بروحه وجوهره على القانون الرياضي. كل الكون بأجرامه وسدُمه ونجومه ومجراته، كل ما يجري على كوكبنا من أشراقة الشمس حتى إشراقاتها التالية قائمة على إيقاع رياضي لا يحيد في نظم نقطة التوازن، لذا أسمي الرياضيات الفلسفة النبيلة.


حتى تستقيم حياتك عليك أن تعرفي حبيبتي أن تمشي مثل لاعب السيرك الذي يسير على حبل حاملًا عصا التوازن حتى لا يقع من شاهقٍ يميناً او شمالا. 

نحن بهذا الحياة نسقط في القاع لما نفقد التوازن، ونستمر في المضي وتجاوز العقبات وتسجيل النجاحات لما نكون متوازنين بمشاعرنا وسلوكياتنا وآرائنا وفي ما نطلبه من مباهج الحياة.


التوازن هو الحاضن الحقيقي للسعادة حبيبتي، فأنت إن بالغت بمشاعرك يميناً أو شمالا عرّضتِ نفسك للسقوط. 

إن أنتِ بالغتِ بالجدية أو بالغت بالتواكل  تعرضين نفسك للفشل، تصاب عضلاتنا بالتمزق إن أرهقناها بجرعات نشاط جائرة، وستصاب بالترهّل إن جمدنا عن الحركة. إذن، السعادة بالحياة يا ملكة القلب.. هي ألا يسقط منا عصا التوازن ونحن نسير على حبل الحياة.


ولا تنسي أني أحبك 💌

بابا

الجمعة، 16 ديسمبر 2016

*رسالة لابنتي - (٥١)



‎وصلني حزنك حبيبتي لما رأيت فتاة حلبية بعمرك وهي تبكي قبل ترك بيتها الخراب المعدوم ولم يبق لها أحد من أهلها، وحزنك تضاعف لبقائها وحيدة بعالم شرس. وتسأليني كيف يمكن أن تسامحي نفسك إن ضحكتِ أو سعدتِ؟


‎بنتي: قلبي بكى معك من وصفك لتلك البنت الحلبية، وأمرٌ طبيعي أن تشعري بالحزن عليها. والحزن حبيبتي يجعلنا واعين للنعمة التي بين أيادينا، ومدى العذاب الذي يعانيه المقهورون المحرومون. والحزن لا يمنع الحياة وردود افعالنا لما يواجهنا يوميا من ترٓحٍ وفرح، كما أنه لا يقيّدنا عن العمل من أجل المقهورين المحزونين.


‎ولكن إياك والحزن الأسود حبيبتي الذي يقود للكآبة. فللكآبة مرض ينزلق الانسان فيه للظلام والعجز، فيمنع القدرة، ويحد من الاستطاعة، ويشلُّ الملـٓكـٓات.


‎الآن اجعلي هذا الحزن طاقة تحرك آلة الخير بك لمساعدة من هم أقل حظًا، وأردى واقعًا.


‎واقتراح.. ابحثي عن هذه الفتاة.. فمن يدري؟!



‎ولا تنسي أني أحبك💌

‎بابا


الثلاثاء، 13 ديسمبر 2016

خالد وأرامكو ماذا عملتما؟

خالد وأرامكو ماذا عملتما؟ 

هذه المدرسة ليست مثل المدارس الأخرى، هذه المدرسة بقعة مضيئة في نهج تعليمنا الكامل الذي شابته وتشوبه الكثير من الانتقادات ويعتريه نقص حركي عصري نعلمه جميعا، وبدأنا، وهذا أمرٌ يدعو للتفاؤل ويحمل مؤشرًا مبشرًا، بالنقاش الصريح والمفتوح في المسألة التعليمية في البلاد.


مدارس الظهران الأهلية مدرسة يحلم بها المعلمون الذين يريدون بيئة يقدمون فيها أفضل ما لديهم، ويتطورون بها. هي حلم مدير أي مدرسة يمكن أن تكون لديه ماكنة علمية حسنة الصنع ليشغلها بأفضل الطرق التي تعلمها واكتسبها وتتسع قدراته ويستشف مداخل واضحة ومشرقة لصناعة علمية متقدمة. وهي حلم الأهالي.. 


أعطني مدرسة جيدة وخذ أمة ناهضة، قول لا يعترض غليه اثنان.


مدرسة الظهران الأهلية فخر المدارس، والمنطقة الشرقية تحتفي بها كمؤشر على الاستطاعة في أي مجال نريد جادين أن نيرع بِه.


أربعون عاما مرت على هذا المدرسة تنمو كل سنة بعلم جديد، بخبرة تصنع الجديد، وتخرج أجيالا مهمتها الأولى المقدرة على التجدد والتجديد. ولو تسنى لكم زيارة معرض المدرسة في الدوحة بالظهران ستجدون حسن العرض الذي يكشف عن الحقبات العلمية التقدمية المفصلية في عمر هذه المدرسة التي صارت أيقونة يفخر بها عاملوها وخريجوها.


خلال هذه العقود الأربعة أثرت هذه المدرسة وغيرت في العالم، وإني أقول ذلك حرفيا. فمنها خرج تلاميذ غيروا بيئتهم المحيطة للأفضل في مجالات العمل والتجارة والوظيفة والإبداعات والنجاحات الفردية في المنطقة وفي البلاد وفي العالم، فأحد خريجيها من أفضل أطباء القلب في العالم، وواحد يعمل حاليا مستشارا لرئيس وزراء كندا.


والجانب الآخر من القصة هي الجرأة على الحلم فهذه المدرسة التي بدأت من أربعة عقود كانت حلما في ذهن فتى بأول عمره آنذاك وهو رجل العلم والأعمال خالد التركي مع جمع من الحالمين أمثاله، ثم هو عمل مشرق لأرامكو في نظرتها الاجتماعية حيث ساهمت فيما بعد في إكمال مشروع واحدة من أشهر وأهم المدارس في المملكة.

المدرسة التي بدأت في بيوت خشبية حول أراضي السكة الحديد صارت مبنى عصريا معماريا أنموذجيا. ولكن شيئا واحدا لم يتغير بها؛ هي روح البداية التي ما زالت وقود تفوق مدرسة الظهران الأهلية وتنير لها الطريق



نجيب عبدالرحمن الزامل


الأحد، 11 ديسمبر 2016

الجرأة التي صنعت العالم كما نراه

       الجرأة التي صنعت العالم كما نراه

سأجيب على بعض الأسئلة التي تراكمت لدي، وأخذتني الظروف عن الإجابة عليها في حينها، كالعادة في حسابي بالتوتر عن طريق #رشقات_معرفية. والبعض الآخر الذي يتطلب إسهابا أكثر عن طريق مقالات صغيرة مثل هذه الذي أجيب فيها على تساؤل الدكتورة رحاب من البحرين، والتي تقول فيه:


"تناقل متابعوك قولك في برنامج تلفزيوني: "لا يصنع العالم إلا الحالمون". وبما أني اخصائية في تسجيل وتحليل الأحلام ضمن العلاج العصبي الدماغي فآمل ان تصور لي معنى الحلم والحالمين برأيك، وأعرف ماذا تقصد بالأحلام وربما هي الطموحات والآمال، وليس ما يقع في حقل تخصصي العلمي والعملي."


الإجابة: 

أشكرك يا دكتورة رحاب على إبعادنا عن التحليل السيكاتري وحقل المخ والأعصاب لأتحدث لك، في رأيي،  عن الحلم بمعناه الإنساني الصرف.

إني أرى الحلمٓ د. رحاب يجب ألا يكون "واقعيًّا" وليس كما يتردد عند من يسمون نفسهم بالواقعيين أن يكون الحلمُ واقعيًّا.


لماذا؟

لأن الواقعٓ هو ما عرفناه مسبقًا ونعيشه حاضرًا. مهمة الحلم، أو الحالم بشكلٍ أدق هي مثل اكتشاف أرضٍ لم نكن نعرفها من قبل، أو طموح لم يسبق لنا حتى تخيله، أو بُعْدٍ كنا نظنّ بعدم وجوده، أو لم نتصور حتى إمكانية وجوده. ثم بعد أن يتحقق الاكتشاف، ويتم الوصول للطموح، وإثبات البُعد الذي لم نعِ بإمكانية وجودة، تنتقل كلها من حيّز الأحلام التي تجرأت على كشف سجف ما وراء الواقع، إلى منطقة الواقع المُعاش والمُدرك والمعروف، ثم يصبح شأنًا "واقعيا" اعتياديا لنا ولأجيالٍ من بعدنا.

وهذا يعني يا دكتورة - وكأنها الفوضى المنتظمة- لا يتحقق الواقع بالواقع.. بل يتحقق الواقع بنقيضه!

وترين يا دكتورة، الحالمون هم من يغيرون العالم، فتغيير أي واقعٍ كَبُرٓ أو صغُر هو تغيير في العالم حرفيًا.


الحالمون، لأن واقعًا ما لم يرضهم، عملوا بخيالهم -

 وأريد التنبيه أن لا خلط هنا فالحلم الذي اقصده هو حلم اليقظة المبدع والخلاق أي الخيال- على إيجاد أو صنع وقائع جديدة لم تكن موجودة إلا في أحلامهم، وهذه الأعمال كي تكون واقعيا حيّا يراه ويلمسه الجميع ويستفيدون منه، لا يأتي إلا بالطرق الصعبة الشاقة وبتسلق مزالق شاهقة الارتفاع وأحيانًا بأدوات ناقصة ربما ليست موجودة في الصعود العادي للجبال، وهذا يتطلب مقدرة خارقة على الصبر والجهد والعرق.. 

وكثير كثير من الإيمان بأحلامهم.


إن كامل الحضارة الإنسانية انتقلت من واقعها الأول إلى موقعها المتقدم بأمر الله بفضل المخترعين والمكتشفين والمصلحين من الأنبياء والرسل، إلى المصلحين الاجتماعيين والسياسيين والدينيين.


كل ما تم من إدهاشات في المدنية الإنسانية بسبب امرأةٍ جرّأت أن تحلم، أو رجلٍ جرأ أن يحلم.


نجيب عبدالرحمن الزامل


الجمعة، 9 ديسمبر 2016

رسالة لابنتي

*رسالة_لابنتي (٥٠)


حبيبتي هذه الرسالة الخمسون، ودعينا يا ملكة القلب نحتفي بها معا بموضوع مهم، وهو التصلب بالرأي.


أتؤمنين بقوة الجاذبية حبيبتي؟ نعم! وأنا كذلك. لكن تعالي نرصدها بالفيزياء البحتة عند كبار عقولها. الجاذبية أمر حتمي لا يقبل جدالا منذ نيوتن حتى أتي أينشتاين في ١٩٠٧ و١٩١٥م وغير مفهوم العلم للجاذبية، فلم تعد قوة بل تمويها للمسافة والزمن. وبالعام ١٩٨٢ دخلنا كشفًا غيّر إدراكنا مع الجاذبية بحركتها في حيّز ضيق مجهري، والنتيجة لم يستوعبها العقل بعد) أهي حقيقة؟ أم محض توهم؟.. وظهر علم الكوانتم.أترين حبيبتي؟ من كان يشك بالجاذبية؟ لذا فإن العالِمٓ متأكد من رأيه.. ثم يقول لكني لست متأكدٌ تمامًا. أما المتعالم والجاهل والمتعصب هو من يرى أن رأيه هو الحق الأوحد.


.. الآن عرفت حبيبتي أن لا تتعصبي لرأيٍ، فلا صحيح مطلق ولا خطأ مطلق على الأرض.


أنا منجذب إليك يا أفضل ما حصل لي، ولا تنسي أني أحبك💌

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2016

أيها الخليجيون.. من أنتم؟

             أيها الخليجيون.. من أنتم؟

.. لعلي أستعير هذا التساؤل الشهير من الراحل القذافي والذي تدواله الناس في العالم العربي طويلا بمناسبة وبلا مناسبة.

وأسأل: من أنتم أيها الخليجيون؟


أنا في هذه اللحظة متساوٍ في مقعدي في مكان جميل بمملكة البحرين. ولي بها مقر وأهل وأصدقاء، كما لي بالكويت أهل وأحبة وأصدقاء، وكما لي بقطر أهل وأصدقاء، ولي في الإمارات أهل وأصدقاء، ولي في عمان أهل وأصدقاء.. وهذا ليس حالي، إنما أنا من آلاف مؤلفة بنفس الظرف والوضع.


أكتب من البحرين متساويا كما أسلفت، وهذا يعني التلقائية والراحة والألفة مع الأرض ومع الناس شكلا وطبعا وكلاما تماما كما أكتب بالدمام أو الرياض أو تبوك أو جدة، لا فرق. 


اذن. دعوني أقول لكم من أنتم أيها الخليجيون، برأيي.

أنتم مجموعة من الناس، أو من الشعوب إن شئتم، فريدون ولا يوجد شعوب مثلكم أبدا على الكوكب. وأعني بفريدين ليس إدعاء بأنكم أفضل الشعوب، فليس على رؤوسكم ريشة، فأنتم بشر حالكم مثل أي بشري في الدنيا.


طيب، إذن، ما سر فرادتكم؟ أقول لكم:

أنتم الشعوب الوحيدة التي اتفقنا ووافقنا واتفق العالم أن ننسب جميعا لبحر، فكلنا ننسب لهذا الخليج الذي يشمل مع البحر الأحمر تكوينا واضحا لخارطة العالم، بلا هذين البحرين يتراكب العالم قارات وألواح عظمى بلا لمسة التصميم الجمالي لشكل الجزيرة العربية.

ثم أنكم يا شعوب الخليج الشعوب الوحيدة الموزعة على عدة دول، وفي خارج بلدانكم لا يعرف العالم لأي دولة تنتسبون، فالشكل واحد، والطبائع واحدة، والتقاليد والأعراف والدين واللهجة واحدة، كأنكم أيها الخليجيون شعب واحد ثم توزع هذا الشعب الواحد، وهذه هي الحالة الأنثروبولجية المتشابهة تماما، بالمسطرة والفرجار.


الآن أرى أعلام دول المجلس ترفرف حولي، وأتساءل: هذه هي الدورة السابعة والثلاثين، سبعة وثلاثون سنة لم نتفق حتى الآن على سكة حديد واحدة، على تعرفة جمركية مفتوحة واحدة، ولا على نقد واحد.. ولا ننكر أن قلبنا الذي ينبض بدم واحد يدور بدماغ تفتت مآربه ومشاربه وسياسته اعتقادا من كل دولة أنها كما يشرح المثل الشعبي تقرب النار لقرص خبرتها. 


في البحرين ومن البحرين للضرورة الجيوسياسية والأخطار الرابضة علينا وحولنا وغرقنا وجب أن نتحد سياسيا واقتصاديا ودفاعيا، وأن يكون بين الحكام كبيرا يحتكمون ويعودون إليه ويزنون آراءه.


المصريون يقولون اللي مالوش كبير يدوّر له على الكبير.

نعم، حتى القادة يحتاجون كبيرا.



نجيب عبدالرحمن الزامل


الاثنين، 5 ديسمبر 2016

صّوْن.. والصديقتان


صّوْن.. والصديقتان


.. بدأت من اسبوع زيارة من يدعونني من أصحاب الأعمال الاجتماعية المتميزة التي تصب في خدمة الناس، وتساهم في رفع أداء المجتع.. ويأتي هذا الاهتمام لأني أومن أن الظروف الصعبة تولد أفكارا خلاقة تجعل من الشدائد أكبر محفزٍ للعقل لكي يمارس وظيفته الأساس: الذكاء!


ونحن كبقية العالم نمر في انعطافات اقتصادية وظرفية نقلت مجتمعنا لمواجهة مواقف تغيرت عن السابق، فقلت الدخول، وضاقت مسائل المعاش اليومي. كثيرون للأسف يستسلمون لموجة الظروف الصعبة ويجعلونها تجرفهم معها، وقليلون يؤمنون أن الله لم يتركنا عُزَّلًا أمام ظروف وتقلبات وتحديات الحياة، لأن لدينا أقوى سلاح في الكون.. العقل البشري.


حزمت نفسي وعزمت أن ألبي دعوة أي فريق اجتماعي يقوم بعمل ابداعي منتج وواضح ويملك دلائل وقياسات منتجاته على أرض الواقع. أو حتى تلبية دعوة من يوصيني بأحد الفرق.. وهذا ما كان مع الفرقة، أو المجموعة، التي أود بحب وفحر أن أحدثكم عنهم اليوم وهم يطلقون على فريقهم اسم "صَوْن".

ماذا تعني صون؟ كنت أتساءل منذ سمعت عن الاسم الذي رنّ بإيقاعٍ جميل بأذني، وزاد فضولي أن أعرف أكثر عما يخفي هذه العنوان وراءه. زوّدني من أوصاني بزيارتهم برقم هاتف الأستاذة أريج العقل. وتمت المفاهمة معها للزيارة. كان وقتي ذاك اليوم مزحومًا ولم تمانع أريج مع فريقها من انتظاري حتى وقت متأخر عن ساعات عملهم اليومية.


أريج العقل شابة صاحبة خبرة عميقة لسنوات في العمل المصرفي، وبالذات في أدق الأعمال وأكثرها حيوية وأهمية..ومصيرية، وهي إدارة محافظ العملاء الكبار استثماريا، وهذا يتطلب عقلاً شديدَ اليقظة، سريعَ اللياقة، بذكاءٍ برْقي، وبديهة حاضرة سريعة، فحركة المال لا تقف لحظة واحدة محليا وعالميا ليل نهار، سبعة ايام في الأسبوع.. فلا معنى لإجازة ولا راحة مخافة أن تلمع فرصة فتختفي في لحظات عبر هذا البحر الفوار من توظيف الأموال ونقلها وتوزيعها قطفا لرحيق الأرباح.

قررت أريج العقل أن تخرج من العمل المصرفي لأسباب تخصها، إلا أن أهم سبب هو ما كان دوما أملا يراود أحلامها بأن توظف قدراتها الاستثنائية- وأنا أعني الاستثنائية حرفيا- لخدمة مجتمعها، خصوصا في هذه الممر الصعب الذي نسير به حاليا في شح الدخول، وضغط مطالب الحياة.


قررت أريج أن تضع خبراتها العريضة أمام الأسر من الطبقة المتوسطة وهم صاروا الآن المستهدفين منها لإصلاح أحوالهم المالية. ولكن المقاصد الطيبة لا تكفي، فهي تحتاج للدعم المالي بالتأكيد؛ ولم يكن ذلك صعبا على أريج، فصديقتها تحمل نفس الآمال والأهداف في نفع الناس فدخلت معها ليتحقق الحلم ويصبح واقعا مشرقا، تلك الصديقة هي الأستاذة خلود الراجحي، وهي قلبٌ طيب، وعقلٌ وهاج، بخبرة عملية. فشكلتا الإثنتان فريقاً أنموذجيًا لتحقيق ما يصبوان إليه.


فريق صون شابات وشباب متطوعين، فقد قابلت مثلا الأخ صالح الشيحة وهو محاضر في جامعة الإمام بالرياض ويقدم خدماته تطوعيا مع مستشارين آخرين. وفعلا نجح فريق صون بمهته مع أُسَرٍ وافرادٍ من الفئة الوسطى، ونقل أحوالهم المالية من القروض والخسارة إلى الاكتفاء والتوفير، بل حتى فتح قنوات استثمارية لهم. والذي حصل جانبيًا وهو الأهم زرع السعادة والوئام في بيوت تلك العائلات..


لن أطيل فإنجازاتهم طويلة.. فتعرفوا أنتم عليهم.


نجيب عبدالرحمن الزامل


الجمعة، 25 نوفمبر 2016

فرسان بني غزلان




* أهلا بكم في مقتطفات السبت رقم 617

***


* حافز السبت:

مناجاة الله بكل قوة وجودك، ورسوخ إيمانك، ونوازع روحك، ستقودك بأحلك ظروف حياتك لمنجى الهواء والأضواء والأمان،. وفي ابهى ظروف حياتك، ستقودك مناجاة مولاك لديمومة النعم التي حباك. كل روافد جسر عبورك بالحياة هو التضرع للإله في عُلاه.

***


* الرأي:

التضحيات والعمل المجتهد المجبول بالعرق وبذل الوقت، وصرف الاهتمام لما يفيد الوطن يستحق منا كل الإعجاب، كل الثناء، كل الامتنان، وأرقى صور الاعتراف. وكلما انتشر نور الإبداع تضاءل ظلال الظلام، وكلما شاع بين أبناء الأمة الجدية بالعمل والمقاصد تحسنت الأعمال بشكل يبهرحتى أصحابها. ولا نملك بأصل أخلاقنا إلا أن نكافيء المبدعين المجتهدين الذين غيروا حياتنا للأفضل، وزرعوا الثقة بقلوبنا التي تضربها نوازل الشكوك والقصص المختلقة، والتخاذل، والتذمر، والنقد السلبي، وتعنيف الذات، لنشعر حقيقة وواقعا أننا بخير، أن هذه الأمة بخير. أقل ما نقدمه لهم هو تماما ما لم يعملوا من أجله. فالمبدعون العاملون الجادون المخلصون لا يريدون شكرا ولا جزاء، زلا إعلاما وظهورا، وبعضهم يتفادون الإعلام وتسليط الأضواء كمن تطاردهم الأشباح. على أن الناس بأصل طبعهم لهم الحق أن يكافؤوهم ويثنوا عليهم، ويشكروا لهم أعمالهم.. ونشر الأعمال الإبداعية، وهي أقوى تأثيرا من كل قصائد الحب لوطن، اراها واجبة القبول من المبدعين، كما هي واجبة العمل من قبل الشاكرين لأمرين هامين: أولهما إشاعة الراحة بين الناس بالظروف الصعبة أن العقول العبقرية تعوض الحال لحال أفضل وأكثر استمرارية وبقاء. وثانيهما لتكون منجزاتهم قدوة واعتبارا لباقي أفراد الأمة.

***


* الواقع:

كنا، اخوتي هشام وجمال ومحمد وأنا، نفكر منذ مدة بتحريك منتدى أمطار الذي كان من سنوات يملأ سماء الرياض بالاحتفاء والوفاء بالشخصيات التي قدمت انجازا للبلاد. ثم لظروف لوجستية تباطأ عمل منتدى أمطار. ولما زرت "محطة غزلان الكهربائية"، إحدى محطات الطاقة الكبرى بالمنطقة الشرقية التابعة لشركة الكهرباء السعودية، شيء في داخلي، وفي عقلي، وفي ضميري، وفي وجداني.. تغير. خرجت من زيارة لمحطة غزلان التي دعاني لها عاملوها الممتازون إنسانا جديدا تحرر من أثقاله حتى ظننت اسحق نيوتن أخطأ بوجود الجاذبية، فقد كنت أطفو.. أطير، من فرط السعادة والحبور بما رأيته من منجزات صناعية وفنية وتقنية قام بها فريق المحطة. لا، ليس عملهم العادي، ولا واجباتهم العادية، ولا أوقاتهم العادية. هم قرروا أن يشحذوا عقولهم وطاقاتهم وفورة شبابهم بتأسيس ورشة أنموذجية من اجتهادهم، وأحيانا من خارج وقتهم ليصنعوا قطع غيار لأفران المحطة التي تستورد من الخارج بغالي الأثمان بنفس الجودة العالية القياسية الهندسية.. ووفروا على شركتهم عشرات الملايين من الريالات لم يطأ عليهم أن يطلبوا منها ريالا واحدا.. ولا أظنه سيطرأ. لأن ما يسعدهم أن يرون إنجازات عقولهم وأياديهم، واثبات أن لا مستحيل تحت الشمس، وأن العقل الوطني العلمي وطاقة العمل لساعات الطوال تساوي المعدل العالمي إن لم تتفوق عليه.. وهذا حدث!

وهنا ألهمنا هؤلاء الشياب الأستثنائيون بتاسيس "جائزة أمطار للإبداع" تقدم للمبتكرين المبدعين وتنتقل لهم لأماكنهم وبين أهاليهم. وبالطبع ذهبت لهم جائزة النسخة الأولى بحفل جميل حضره المسؤول الأول بقطاع التوليد بكهرباء السعودية خالد الطعيمي ، ومسؤول العلاقات الأول حمود الغبيني، ورئيس المحطة عبدالله آل جبران وفريقه العبقري.

***


* والمهم:

بكل فخر أسميت فريق مهندسي وفنيي محطة غزلان لشهامتهم، وحبهم لوطنهم ولشركتهم.. "فرسان بني غزلان".


نجيب عبدالرحمن الزامل


 

الأربعاء، 23 نوفمبر 2016

ما سبب زيارة الملك للمنطقة الشرقية؟!

ما سبب زيارة الملك للمنطقة الشرقية؟

"إن سبب قوة الملكية واستدامتها بشكل قوي وراسخ أنها تتسم بالوضوح كحكومة. وكل الجموع البشرية تفهمهما بتلقائيتها، وصعب أن تفهم شعوب العالم نظاما غيرها."

لحظة! لست أنا من قال هذا الكلام أعلاه. بل قاله "والتر بيجهوت" وهو كاتب صحفي إنجليزي، وفنان، ورجل اعمال، ومحسن خيّر، من اعلام المجتمع البريطاني المثقف في القرن التاسع عشر.


ولاحظوا شيئا آخر.. قد يخطر عند البعض التفكير بأن هذا الرجل قديم من أوائل القرن التاسع عشر، وأن الملكية هي السائدة والرائجة. لا.. على العكس تماما، منذ نهاية القرن الثامن عشر وأوربا تغلي ضد الحكم الفردي بأنواعه، وتثور ضد الإقطاع والملكية واللاهوت الكنسي. فإن أم الثورات التي غيرت وجه الدنيا السياسي هي في هذه الفترة بالذات، وفي هذه الفترة خرج أكبر فلاسفة الثورات ودور الشعوب في الحكم ولكم أن تعودوا لمصنفات جان جاك روسو وفولتير التي قادت أفكارهما للثورة الفرنسية ضد الملكية، وانقلبت كامل أوربا والولايا المتحدة ضد الملكية بكل صورها.. إذن لا يمكن أن نقول أن ما قاله السيد "بيجهوت" لا ينطبق على الحالة الحكومية السياسية في عصرنا الحاضر. كما أريدكم ن تعلموا أن السيد "بيجهوت" لم يكن مما كانوا يسمون بفترة حكم الملكة فكتوريا بالملكيين، أي المفكرين وأصحاب الرأي والمؤثرين الذين ينافحون عن الملكية. السيد "بيجهوت" كان معارضا قبل وصول فكتوريا للحكم، وكان يعترض على الأسلوب الارستقراطي الطبقي البريطاني.. لكنه يرى أن الغريزة السياسية عند كل الناس هي فهم الملكية وعدم فهم غيرها.


من القديم قدّم الناس شخصا بعينه تتوجه له الأمور في الحرب والسلام والحكمة، وتمد له واجبات الاحترام والطاعة. ويتضح جليا حتى بالشرق القصى، فالصين ومنشوريا -كوريا والمناطق التي حولها- لم تعرف إلا الملكية. وصُفَّ الملك باليابان (الامبراطور) بمصاف يقارب تخوم الآلهة، وليس في العصر الغابر بل في العصر الحاضر، فهيرهيتو الامبراطور الراحل كان يُسمى بابن الشمس، والشمس في الديانة الشنتوية مقدسة، لذا كانت فجيعة اليابانيين لا توصف ليس بالقنلتين الهائلتين اللتين دمرتا نجازاكي وهيروشيما، كانت فجيعتهم الكبرى لما وضع الجنرال "ماك آرثر" الأمريكي المنتصر في الحرب العالية الثانية قدميه فوق طاولة تماما قرب أنف الأمبراطور الأشم.. ولم يرحم كما تقول العرب عزيز قوم ذل!


في زيارة خادم الحرمين الشريفين للمنطقة الشرقية الكل يتحدث من ناحية ظاهرة، في الاقتصاد وفتح المشاريع، ولكني كما قلت فبأكثر من مكان وبمقابلة أمس بالتلفزيون السعودي أننا يجب أن ننتبه بأن ما لانرى أهم مما نراه، فالهواء لا نراه وهو أهم عنصر بوجود الحياة. انظر أن الأب يعطي أولاده، ويدرسهم، ويسهر على نموهم الصحيح. ولكن هذه كلها منظورة، الشيء القوي الذي لا نراه هو غريزة الأبوة بالحب والحنان. فقولوا لي: من يرى الحب؟ من يرى الحنان؟


إذن بما أحسبه أكيدا أن خادم الحرمين الشريفين ليس السبب الأول بزيارته للمنطقة الشرقية لفتح المشاريع، ولا ليستعرض بها. فهل يستعرض الأب بتدريسه لابنه مثلا؟ على العكس يريد دوما أن يقدم لابنه أكثر ويراه دوره الأبوي بلا مِنة، وكذلك الملك، فالمشاريع موجودة، وستأتي بإذن الله مشاريع أكثر، وتدشين المشاريع يمكن أن تتم عن بعد لو أراد. الحقيقة هي فيما لا نراه بزيارة الملك وهي الأهم، من دافع حب الملك لأبنائه بالشرقية والترتيب على أكتافهم بأنه رغم صعوبة المرحلة التي لم تمر المملكة بمثلها من قبل، إلا أنه موجود لهم يحبهم، يحدب عليهم، يطمئنهم بأنه معهم في الخير وفي الظروف الصعبة، ويحبهم كبقية أبنائه في مناطق البلاد.

لذا أثر زيارة الملك التي لا نراها ، هي التي "سنراها" بعد زيارته في التغير النفسي العام، وفي الراحة والسكينة والاطمئنان والمزيد من الانتماء.. المزيد من الحب والشكر.



نجيب عبدالرحمن الزامل

الجمعة، 18 نوفمبر 2016

حينما تكون شهيا قابلا للالتهام !

‎حينما تكون شهيا قابلا للالتهام!

‎*أهلا بكم في مقتطفات السبت رقم ٦١٦

***

‎*الرأي

‎أعجب رئيس بكل تاريخ الولايات المتحدة صاحبة أعرق ممارسات انتخابية رئاسية بوحي دستور وميثاق الآباء المؤسسين هو بلا منازع الرئيس المنتخب الحالي الذي صعق التوقعات والاعتياد الانتخابي رجل الاعمال الفض والمتنمر دونالد ترامب، ولا يوجد له مثيل بتاريخ أميركا السياسي. فهو ليس مثلا محاميا مثل ستة  وعشرين رئيسا من رؤساء أميركا الأربعة والأربعين. فضلا انه رجل أعمال لا يرعوي أخلاقيا كمشروع كازينو القمار الذي أفلس، وخرق قوانين الهجرة واستغلال العمالة الشاردة الذي يريد طردها الآن، وصاحب برنامج المتدرب الحي الشهير، ومحكم مسابقات جمال، ومشارك في اتحاد المصارعة وممثل عرضي في عدة أفلام ومسلسلات بشخصيته الواقعية، ولا يملك البلاغة الخطابية بالتحكم باللغة الراقية، فأسلوبه لهجوي ففهمه وقبله العامة غير المتعلمين وعافه خريجو الجامعات. كما أنه يمثل بصراحة الرجل الأبيض العنصري ضد اللون والجنس.. ومع ذلك هزم المحامية المتمرسة قانونيا وسياسيا هنري كلنتون بعد أن مرغ سمعتها وشق غطاء ستر أخلاقياتها وكذبها وفضح زيفها. فهل سيحكم الآن اكثر دول الدنيا تقدما رجل متأخر شارعي؟ سنرى فالرجل تحت قبعته السوداء حرفيا كثير من المفاجآت.

***

‎*الواقع:

‎الرئيس المنتخب ترمب صار حقيقة واقعة حلما لدول معينة وكابوسا لدول معينه.. لذا بدأت الدول التي رأت فيه حلما بالتحرك المباشر فبوتين عبر عن توقعه أن تحالفا مشتركا ممكن تحققه بنجاح مع ادارة ترمب، وقال مسؤول مصري أن الرئيس السيسي وترامب "بينهم كيميا" أي تلاقٍ وقبول عفوي في الشخصيات، بل حتى غرائبي كوريا الجنوبية مهووس السلاح الهيدرجيني أبدى اعجابا لأول مرة بتاريخ كوريا الشمالية بترامب واستعداده للعمل معه. حتى الدول التي كان مجيء ترمب للرئاسة كابوسا والذي ذكرها بالتحديد في لي ذراعها للدفع مقابل حمايتها كاليابان سارع رئيس وزرائها للتواصل مع ترمب وأثنى عليه امام كامل الميديا الكوكبية. يبقى أننا بالخليج من الدول التي يرى ترمب أن تحميها أمريكا بالفلوس، وأساء إلينا واتهمنا بالاسم. فماذا يا ترى أعدينا لمرحلة ترامب؟ حذار أن نكون من آخر الواصلين.

***

‎*علم:

‎ستيڤن هاوكنج العالم البريطاني عقل الفيزياء الكونية الآن والبعض يتحمس له مؤكدا أن عقله أكبر من عقل أينشتاين. عارض هاوكنج نظرية أينشتاين بالتوسع الكوني وماهية المادة السوداء مؤكدا ثبات الكون وأزليته. مقاربا لمفهوم الاختلاف المريع بلتاريخ الاسلام حول كون القرآن الكريم مخلوقا أم قديما. يقول هاوكنج في آخر تنبؤاته أن العالم الذي نعرفه سينتهي قبل نهاية الألف عام القادمة بسبب التلوث وقلة المصادر والانفجار السكاني، داعيا الانسانية للبحث عن بيت آخر في الفضاء. هل أوحى له وصول ترمب للرئاسة الأمريكية بتلك النظرية.. مع زعماء آخرين؟!

***

‎*والمهم:

‎عندما تكوون قابلا للأكل فلا تغري المفترس بلحمك الطري المكشوف!

‎نجيب عبدالرحمن الزامل 


رسالة لابنتي

*رسالة لابنتي (٤٧)

يا مليكة القلب، حبببتي ابنتي،

أخبرتيني عن فريق البحث الذي طلبته منكم معلمتكم، وفخرت طبعا كأب أنك كما قلتِ لي ترأست الفريق.. ولكن يا ابنتي لي عليك عتب الأب الحدوب:

لم يفرحني كلمة "ترأست" منكِ مع علمي بلطفك وتواضعك، ولكني أود أن تحترمي معنى كل كلمة تخرج من لسانك حبيبتي، انتبهي أن كل كلمةٍ تُصنع بعقلك فلا تتسرعي بلفظها بفمك قبل أن تتأملي بمعناها وبعدها وأثرها. 

ينصح يا ابنتي أطباء الهضم أن تُمضغ كل لقمة جيداً عدة مرات قبل ان تأخذ طريقها عبر الفم للمريء حتى يكون الاستفادة من عناصرها كاملا. 

كلمة "ترأست" تحمل إعلاءً فرديا على بقية الفريق، وخلع صفة المتبوع وتابعيه، وتفرقةً من دونهم.. كان البدوي حبيبتي يدخل على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو مع صحابته رضي الله عنهم ويسأل: "أيكم محمد؟". أرأيت يا حبيبة القلب أنه لرسل لم يكن ليُيميّٓز من بين صحبه وهو أعظم قادة التاريخ.

إنها ليست رئاسة يا ابنتي هي قيادة. الرئيس يدخل أول فريقه متباهيًا، والقائد آخر فريقه يدفعهم للصف الأمامي، القائد نزيهٌ خالٍ من الزهو والأنانية يحب فريقه ويقدمهم على نفسه ويدافع عنهم، ويدافع حتى عن زللهم وأخطائهم أمام الآخرين.. كما ستفعلين لهم أمام معلمتك عند تقديم البحث لها. هذه أنتِ كما أحب أن تكوني.

ولا تنسي أني أحبك💌

الأحد، 6 نوفمبر 2016

رسالة إلى إبنتي 1

رسائل نورة التشجيعية بدأتُ أرسل لابنتي الوحيدة نورة «بناءً على طلبها» رسائلَ تشجيع يومية، وأحببت أن أشارككم هنا بأول رسالةٍ بعثها الأبُ المحب لابنته التي تربعت بقلبه كاملًا فامتلكته، أخذَتْهُ منّي قسراً، ولا يمكن ولا أريد استعادته، ابنتي اسمها نورة، على اسم أمّي، هي طفلتي وملاكي مهما تبدّلت الأيامُ وتقلّبت. واستجبتُ بالطبع، قد لا تكون الرسائلُ فريدةً ولا عظيمة الصياغة.. ولكن الأكيد أنها صادقة المشاعر، وهل هناك أصدقُ شعورًا من أبٍ مُوَلَّهٍ بابنته؟! تقبلت نورة بحماسة تلك الرسائل طبعًا، أليستْ من أبيها؟! ونيّتها أن تجمعها في كتاب.. الله يعين. 

رسائل نورة التشجيعية-1: 

أميرتي العزيزة، كيف يكون بمقدورك أن تعرفي إن كان قلبُكِ مفتوحًا رحبًا، أم مقفلا ضيقًا؟ الإجابة يا صغيرتي الحبيبة بسيطة، هل أنتِ تهتّمين بالآخرين يا نورة؟، وهل هو اهتمامٌ سِمَته التواصل، أم أن كل اهتمامك فقط يقتصر على نفسك، وكأن الكوكبَ يدور حولك فقط؟ هل تستقطعين وقتًا يا ابنتي لتحدثي تغييرًا إيجابيًا في حياة الآخرين، أو حتى في لحظاتهم الصغيرة المتأزّمة؟ هل تشجعينهم من قلبك، وتقفين معهم، وتدعمينهم حتى تمر اللحظة، وهي لابد أن تمُر، ولكن سيكون لك مساهمة في جعل أثرها حسَنًا، أو أقلّ ألـَما؟ هل تصرّين يا نورة على منح ذلك الإشعاعَ المفعم بطاقة الإيمان والثقة بمن اهتزت ثقتهم بأنفسهم، حتى يستعيدون ما ضاع من الثقة، وما تشتت من قوة الإرادة الذاتية؟ هل أنت يا نورة تتبعين ذلك الشلاّلَ الإنساني من المحبة الذي وضعه اللهُ في قلبك لتلمّس حاجاتِ الآخرين.. دائما؟ متى كنتِ كذلك، يا هبة الله لي، فقلبك مفتوحٌ رحْب. وأنتِ الآن، بإذن اللهِ، من الفائزين. 

بابا.

السبت، 29 أكتوبر 2016

الدكتورة أشعار الباشا: وضع الله لي طريقا لم ينته بعد


* أهلا بكم في مقتطفات السبت رقم 614

***
*حافز السبت:

العبقرية الفذة لها تأثيرات متعددة.. منها أنها قد توقض حساسية الغيرة المفرطة  عند البعض. 

***

* الرأي:

ما رأيت أكثر تأثيرا من بأس وقوة العزم البشري. العبقرية  أو الذكاء لوحدهما أعزلان لا يغيران شيئا بالعالم بل سيبقيان قوة ساكنة لا تحرك ولا تتحرك. ووقود العبقرية وإذكاء شعلتها الباهرة هو العزم؛ تلك الإرادة الفولاذية التي لا تعرف الاستسلام ولا النكوص ولا التراجع، التي تؤمن أن الحياة طريق واحد لا بديل له وهو طريق الصعود. وبدون هذا الطريق فهو الضياع، التيه، السقوط.. موت الأحياء. بداخل كل ناجح عبقري قبس عجيب من ضوء العذاب والمعاناة وسميته قبسا لإنه كزيت الفتيل الذي يطلق النار من الهواء. الأذكياء والعباقرة الفقيري العزم والإرادة، قد يؤذيهم هذا الذكاء.. ويؤذي العالم.

****

 شخصية الاسبوع:

وهي ملهمة هذه المقال كله. شخصية فريدة بل جوهرة بشرية نادرة هي الدكتورة "أشعار الباشا" ملحمة إغريقية بذاتها، وكأن كل عذابات العالم اتحدت لتغزو جسد هذه البنت الصغير بويلاتها وثبورها. لكن الهيكل الذي يبدو هشا انتفض حصنا عملاقا ضد كل الغزوات. أصيبت اشعار بالفشل الكلوي وكانت تحت الغسيل الكلوي وهي تتفوق في الثانوية على مستوى المملكة، وصاحب الفشل الكلوي ورم بمرض الرحمة زاد الحالة أضعافا حينما كانت تدرس بلندن وتعمل بذات الوقت بأرقى مستشفىاتها "همر سميث" ثم تتخرج بتفوق بالطب. ومن عليها بورم لمرض الرحمة آخر بالدماغ، وبتجمع الأمراض وتفاقم الأورام تتفوق بدراساتها العليا بكندا. يطل الموت كل يوم على أشعار، وتصافحه كل يوم وتقول له:"انتظر.. فإن الله وضع لي طريقا لم ينتهِ بعد!"

***
*الواقع- الخطاب:

أتباهى بحياتي برسالتين، الرسالة لأولى من ناجي الشاب الصغير الحبيب المعاق العبقري الذي كتب لي وهو يعلم أنه لن يعيش حتى صباح ليلته، ووصلتني رسالته وقد استلم الله أمانته. والثانية الرسالة التي وصلتني من أشعار عبر التوتر باسلوبها العجيب الغريب فصاحة وتراكيب وصفية لا تبدعها إلا هي الكاتبة المتفوقة والتي تأتي لها المعاني طوعا لتتزين بأزياء حروفها. وإني أتباهي بالرسالة أكثر من أي شهادة وجائزة سنية أخرى. ومن سيلومني بالتباهي.. فلن ألومه. وهنا شيء من الخطاب:" اشكرك يا عراب الريادة في الصدق والصداقة والعمل والتبني. إنك احد خمسة قامات فقط، عرفوني في مهبط حق وحقيقة، بعيدا عن (الوجه الآخر) للآخرين هنا-وتقصد من يشتعل حسدا ضدها ويكذّب حالتها- وجهنا هو الوحيد لأمثالنا المطاردين من رواد البرَك الساكنة الذين لا يعرفون جنة الطريق إلى ماء النبع وبطن الوادي. كان التعرف عليك شخصيا إضافة ثمينة لحياتي كمن تشتري سوار ذهب لا يبارح معصمها لأن مكانه النور.. ولا غير النور. وهكذا أنت بعد شرف المعرفة خلف الشاشة، وبعيدا عن التقنية، قريبا من الأرض والطبيعة كقرب البلح من النخيل، أبيتّ إلا أن تقول لزارعي البراعم الخائفين من عقبات العلم وضوائق السبيل:"هاكم، هذه أشعاار كما عرفتها في أرضها ومكانها، لا كما قرأتها بيومياتها على الانترنت." اقول ما أقول لأؤكد امتناني لصبرك على ما نالك وينالك بعد أن عرفتني ورأيت عوائق عمري وطرقاتي ما يستحق أن يكون شمعة لمن أنهكتهم دكنة الظلام. أمتن لك ترفعك معي وحثك لي على تغيير اتجاه ظلي والمشي عكس عقارب الساعة...."

***

*والمهم:

"طوبى لمن يصافح يمينا لم تزرع شوكة فيما عاشت من سنين."- أشعار الباشا.

نجيب عبدالرحمن الزامل

الجمعة، 30 سبتمبر 2016

حد سكين "جستا" القاطع على الرقبة الأمريكية.. أيضا.

أهلا بكم في مقتطفات السبت رقم 610

***

حافز السبت:

أظهر نفسك قبل فوات الأوان. 


* الرأي

العرب يفوتون على أنفسهم الظهور بالأوساط الدولية، وداخل كل الدولة، أو الدول ذات الأهمية، وإن ظهر العرب فإنهم يظهرون رغم أنوفهم كما يريد أن يصورهم الإعلام الغربي بصحفه وأفلامه، وأبحاثه ووثائقه. أقل الناس إرهابا وأشدهم نفعها هم المسلمون والعرب بشكل عام وهذا امر مسجل بقياس الجرائم ولكن لو عطس عربي لارتاب العالم أنه يحمل برذاذ فمه سلاحا ميكروبيا مدمرا. تنجح الأقليات في إبراز مظاهرها الجميلة، وتنجح في وضع تاريخها الخفي السيء تحت سجادة الظهور المبرمج والمخطط والمتقن. الجاليات الصينية  تحمل منظرا زاهيا بالتنانين الحمراء وأزهار الأوركيد، بينما جرائم العصابات المنظمة الصينية في أمريكا وأوربا تهز ألواح الأرض التحتية.وينجح الأرمن في تلميع صورتهم، واليونان، والطليان وهم قادة المافيا الدولية، وينجح ببراعة اليهود ودولة إسرائيل المصطنعة في إظهار صورة اليهودي المسالم بل المغلوب على أمره بأفلام هوليوود ونيويورك، فوق إبراز تفوقهم بالعلم والمال والتهويل حوله. وننجح نحن في الاختفاء بمزايانا، وأي خطأ يحصل من الذين يحملون جنسياتنا، ضد تعليمات حكوماتنا تنفجر  براكين الإعلام ضد..حكوماتنا

***

الواقع:

لقد خلق المسلمون في بأمريكا صورة ظاهرة جيدة أكثرها ارتدادي. فبينما انتشر الإسلام في الإعلام الأمريكي، لم يكن مصدر انتشاره خارجي، بل نبع من قلب أميركا، نبع من القوة السوداء الأفريقية-الأمريكية، وظهر بازغا شاهقا لما اعتنق محمد علي كلاي الإسلام، وظهر الإسلام بصورة جلية صافية أنه دين السلام، بل أن رفض محمد علي كلاي الانخراط بحرب  فيتنام القائمة بوقته انتشر في الأدبياتالأمريكية والغربية على أن دينه الإسلامي يحرم الاعتداء على الآخرين بلا سبب. وكانت من أكبر عناوين القرن العشرين حسب إحصاء للعناوين الهامة على أكبر صحف العالم، جملة محمد علي كلاي: "ديني يمنعني!". الآن جاء من يطمس صورة الإسلام الحقيقية بأكثر مما يحلم به الحاقدون عليه من الذين يدعون أنهم من المسلمين ويجيزون سفك الدماء التي لا ذنب لها ولتي حرمها الله تحريما قاطعا، ويجيزون الغدر في المسالمين.  وقتها كان يجب أن نعمل على إظهار ديننا كما نؤمن به وبالذات نحن السعوديين الذين لا نحمل السلاح كشعب بشكل عام ولا نحبذ اقتنائه بله استخدامه. قصرنا في ذلك. بعد 11سبتمبر خاطبنا أنفسنا كالعادة، بينما كتب مسلمون هنود وباكستانيون وافغان ومنصفون كتبا ومقالات ومن أشهرها كتاب "لماذا أنا مسلمة؟" كتبته فتاة باكستانية اسمها "أسماء جُل حسن" وظهرت بالغلاف عادية بوجهٍ بشوش كأي فتاة بالعالم في عمرها وكان الكتابُ الأكثر انتشارا ومبيعا على قائمة كتب نيويورك تايمز. ودار حوله تقريض وثناء بكل مطبوعة، واستقبلت بعشرات البرامج وفي احتقان السنوات القليلة بعد 11سبتمبر  كان الكتاب فرجا مضيئا في الميديا العالمية.

****

 كتاب الأسبوع:

" كتابات على الجدار Writings on the Wall" لمؤلفه كريم عبدالجبار لاعب السلة الأسطوري الأمريكي المسلم، وهو كاتب جيد بل محترف يكتب بعدة مطبوعات أمريكية منها مجلة التايم الأمريكية، والكتاب جيد وسلس وواقعي ومنطقي ويظهر فعلا في وقته لمعالجة عدة مواضيع تشغل بال الرأي الأمريكي الآن وهي العدالة الاقتصادية، والعنصرية، وتجارة الرياضة.. والإسلام."

***

والمهم:

جستا (القانون الذي يفوض محاكمة رعاة الإرهاب على التراب الأمريكي) سلاح ذو حدين. وبرأيي أنه لن يمض سهلا مهما تجمعت أصوات الكونجرس والنواب، لأنه بحدين قاطعين.. أحدهما على الرقية الأمريكية.. وربما أقواهما قطعا!


نجيب عبدالرحمن الزامل

الأربعاء، 28 سبتمبر 2016

الزبارا.. والغلطة!


الزبارا.. والغلطة!

.. تولعي بعلم الأنثروبولجيا والبعض يتفق بأنه علم الإنسان وبعض يراه علم الحضارات، وأميل جدا للمسمى الأول.وسبب تعلقي بعلم الإنسان، لأن موضوعه الإنسان أهم كائن على الأرض، والموكّل بإعمارها. وتجد في علم الإنسان قصص وملاحم الإنسانية ولون الإنسان في حضاراته، وفهمه، وتقاليده، ودينة حسب معطيات ثابتة مثل الجغرافيا، ومتغيرة مثل الأفكار ، وزمانية كالأديان والعقائد .

وأكثر المواضيع تعقيدا وجاذبية في الإنسان هو علم الأقليات. 

تعريف الأقلية واسع، ومن الصعب وصفة الأقلية وصفا شاملا يصف كل ما يتعلق بالأقليات على وجه العموم، ويصير جدا أن ما هو أقلية في مكان يكون نفس العنصر أكثرية بمكان آخر، ويتماوج بينهما التواصل والتأثير. وهذا يسبب صراعات تجعلنا نسأل ما الأقوى الإنتماء المكاني (الوطني إن أحببت) أو العقيدة الدينية، سؤال يبدو بسيطا، وكثير من الدارسين يميلون أن التلاحم الديني هو الأقوى ولو تغيرت الجنسية والجغرافيا، ولكن نصطدم بمدى صحة هذه النظرية، إذا عرفنا أن المهاجرين المسلمين الهنود الذين فروا لباكستان أثناء انفصالها عن الهند، وهربًا من التوحش الهندوسي، ويسمونهم بالأردية (مهاجري) يعانون تفرقة عنصرية شديدة تصل للإقتتال من مسلمي الباكستان فقط لأنهم لا ينتمون للعنصر الباكي (الباكستاني).

هل الزبارا أقلية؟ الزبارا ناس من نجد في معظمهم وهاجروا لجنوب العراق قرب البصرة لقرية اسمها الزبير.ثم صار زبيريو نجد هم الأغلبية المطلقة وتحكموا بالمدينة، ومع الزمن تطورت عندهم تقاليد، ولهجة، وطبائع شخصية خاصة بهم. عاد معظم الزبيريين للسعودية وطنهم الحقيقي وبعضهم في الكويت، منضمين للعائلات النجدية الكثيرة التي تشكل نسبة ظاهرة بالمجتمع الكويتي. 

الزبيريون لما عادوا لوطنهم الأصلي من الصعب إطلاق أقلية عليهم لإعجاب المجتمع السعودي بهم، ولأنهم ساهموا بفكرهم المتقدم وطبيعتهم الغريزية في البقاء، والبقاء القوي،ناقلين في أجنة الأجيال الزبيرية النجدية في البحر العراقي حي تطورت حيلهم وطرائقهم للبقاء كريمين بظل هذا البحر، ونجحوا أيضا بالعراق في قبول المجتمع. 

يقول علم الإحياء الأنثبولوجي أن استخدام عضو أكثر من الآخر يجعله أقوى، في مسألة البقاء الكريم تطور العقل الزبيري، وتطورت له سلوكات أنموذجية في التعامل مع الآخرين حتى لا يكتسبون عداء من أحد، وهذه حكمة جائلة بين الزبيريين، فعُرف عنهم الأدب الجم، والتصرف المتحضر.. مع عقلٍ قوي للبقاء

 نبغوا في المجتمع السعودي نبوغًا بارزًا، فتجد بيوت أعمال كالفوزان والمهيدب من أهم بيوتات الأعمال في الخليج، ونجاحاتهم نوعية أضافت رقيًا ليس  لمجال الأعمال بل للبلد جملةً. في المناصب والمهن نبغ آل الربيعة، وتعرفونهم جيدا لقوة حضور كل منهم. 

ومن الشخصيات التي أعتز بها بمنطقتنا الشرقية السيدة هناء الزهير التي نقلتنا للعالمية في مسألة هامة وهي تحويل الفتاة السعودية إلى مولد أعمال خاصة ناجحة.

إن الزيريين بقوا عصبة ناجحة جدا بالعلاقات البينية، ولكنهم أيضا اندمجوا بشكل مثالي مع جميع فئات المجتمع بخاصية التأدب والتهذيب، وذكاء البقاء، الذي أظنه تحول  لذكاء الإصرار على التفوق.

 ويبقى أنتماؤهم القوي لأرضهم ومنابع جذورهم ليس تعلقا فقط بل حتى إنماء بأعمال ومشاريع اجتماعية تنموية.

لطالما غلط الناس بي للهجتي وظنوني زبيريًا.. وكانت أحسن غلطة.

نجيب عبدالرحمن الزامل